فادى يسقط على الارض وهو يبكى بمرارة وحزن رهيب>
يتقدم شرشائيل من مكروئيل قائلاً : حلو قوى كدة ..أنت بقيت معلم فى فن الخداع وترويج الاكاذيب..كنت فين قبل كدة؟..وكانت موهبتك دى كلها فين يامعلم مكروئيل
مكروئيل : طب سبنى أكمل وأقضى علية دلوقتى
شرشائيل : لك كل ما تريد ياأخى العزيز ...ياكذاب ياأبن أبوالكذابين
وبينما يهم مكروئيل أن يكمل الا وتسمع طرقات على باب المنزل
فيقوم فادى ..ويمسح دموعة قائلاً حاضر ..ياللى على الباب أنا جاى ..حاضر
يفتح الباب فيظهر القس سويرس فيتقدمة فادى قائلاً فى يأس : أهلاً أبونا ..أتفضل
يصرخ شرشائيل فى غيظ : يادى المصيبة ...أية اللى جاب الراجل دة هنا السعادى ؟!
يتكلم مكروئيل فى خوف رهيب : بقولك أية ياشرشائيل ياخويا ما تيجى بينا نفلسع من هنا دلوقتى ..الجبن نص الجدعنة
شرشائيل فى غيظ وتحدى : لا ..لا ..والف مليون لا ...وغلاوة جهنم ...ولعنة أبليس مانا ماشى من هنا الا لما أشوف القسيس دة ناوى على أية
يقف أبونا قائلاً لفادى : مالك يافادى يابنى ..خليك راجل ..وأنسان مؤمن كدة ..وسلم أمرك وأحمالك وتعبك على الهنا ..
فادى : يابونا ..أنا مش
يسكتة القس قائلاً : أستنى يابنى ...
يرفع القس صليب كبير فى يدة وهو يرشم علامة الصليب قائلاً : بسم الاب والابن والروح القدس الة واحد أمين
ويكرر علامة الصليب فى الاربع جنبات المنزل ....فتحدث طرقعات رهيبة فيزعر الشيطانان ويسقطون ..ولا يستطيعون القيام
وبمنتهى الصعوبة يزحفون على وجوههم حتى يخرجون من المنزل وهم يصرخون
ينظر القس سويرس لفادى قائلاً فى محبة غير محدودة : أمال فين أخوك يافادى ؟
فادى : أخويا ..سبب كل المصايب دى ..مش عايز أسمع أسمة قدامى
القس : لا ياحبيبى ...الغضب والكرهية مش من صفات المؤمن ..روح شوفة جوة ..أنا عايزكم أنتم الاتنين
فادى : حاضر يابونا ..حاضر
يختفى فادى بضع لحظات ثم يخرج صارخاً فى أخية وممسكاً بورقة قائلاً :
أدى أخويا ..أدى سبب كل المصايب ..مش مكافية اللى حصل لينا كمان عايز ينتحر ..
أبونا : تعالى ياتوما ..تعالى هنا قدامى
توما وهو يبكى بشدة : سبنى يابونا سبنى ..لازم أصلح غلطتى...لازم بابا يخرج من سجنة ومن القضية دى كلها ..حتى لو التمن حياتى
أبونا : بس ياتوما ..يعنى أنت عايز تصلح غلط بغلط أكبر.....أية الفكرة الغريبة دى يابنى.....يعنى فية حد يقول الحريقة تطفى بالبنزين....أسمع ياتوما يابنى
وأسمع أنت كمان يافادى ...أسمعوينى وأفهموا الكلام اللى هقولهلكم...بس على شرط
توما وفادى : شرط ..شرط أية دة يابونا !؟
أبونا : أنكم تسمعونى بروحكم قبل ودنكم...أنكم تفهمونى بقلبكم قبل عقلكم..
< يتنهد فى قوة ويكمل قائلاً >
ياولادى الحياة كلها تجربة.....بحلوها..وبمرها...تجربة من المجرب...وطبعاً بموافقة من القدوس
وفى وسط التجربة المستمرة دى ...بتكون نعمة ربنا وقوة الروح القدس ...ومحبة الراعى الغير متناهية
بيكونوا هما أسلحتنا وسط أتون العالم المجرب...ولما أحنا بنتهز وأيدينا تترعش ويضعف أيماننا
ساعتها بس المؤمن بيكون ذى الجندى المرعوب ..الجندى المكروب ..المكسور ..اللى بيحاول يهرب من ساحة معركتة بكل الطرق...وبيحاول بمجهودة الشخصى وبذاتة المحدودة أنة يدافع عن حياتة
وطبعاً كل قوة المؤمنين حتى وأن كانت مجتمعة بدون أسلحة الخلاص وترس الايمان بيقدروش على التجربة
وبيسقط الانسان ..ويكون سقوطة عظيم
توما : أنا يابونا عارف أنى خاطى ومستهلش حتى أسم مسيحى ...أذاى أكون جندى وأنا كيان فشل وروح ضعف ونفس نجسة
يبتسم أبونا قائلاً : يقول الرب .....قوتى فى الضعف تكمل...عارف معنى الاية دى أية يابنى ياتوما ؟
توما : كنت يابونا زمان عارف معناها وحاسس بية ..أنما من زمن وأنا شاعر بضعف على ضعف..وكل تجربة أدخلها ..بخرج مهزوم ومكسور
أبونا : عارف لية ؟...علشان تركت محبتك الاولة..تركت شركة الروح القدس...تركت كنستك...أذاى الانسان يعيش ويكون قوى ويكبر فى القامة والقوة من غير غذاء من غير فاكهة وعيش وخضار ولحوم وأسماك...والمؤمن بردة كدة
المؤمن اللى يترك محبتة الاولة ويصوم عن أكلة الروحى من صلاة وحضور أجتمعات أخوتة المؤمنين ومساعدة الغير
مع الايام وكثرة صومة عن غذاء الروح وثمار وفاكهة الروح القدس ...بيضعف ويتحول لشبة أنسان حى..بيتنفس لكن مش عايش...بيتكلم لكن أخرس من جواة...بيمشى لكن ذى تابوت الاموات المحمول على الاكتاف
أرجع ياتوما لمحبتك الاولة..أرجع بكل ضعفك وكيانك حتى وأن كان كيان فشل ..أرجع بنفسك حتى وأن كانت مظلمة ذى القبور ساعتها رب المجد هيتمجد فيك وهتعرف عظمتة ومحبتة وقوتة قد أية
مش مطلوب منك تغتسل قبل ما تقف تحت الدش ..صح
توما : طبعاً صح
أبونا :مش مطلوب منك أنك تشفى قبل ما تروح للطبيب ..صح ؟
توما : أكيد صح
أبونا : دة الاحلى كمان مش مطلوب منك أنك تمشى كتير ...خطوة منك ...خطوة وحدة ..هتلاقى الف خطوة وخطوة من الرب بتجرى عليك ..أرجع يابنى بكل أتعابك وأحمالك وكل خطاياك
وصدقنى فى الوقت دة هتشوف العجائب حوليك وهيتمجد الرب من خلالك...والنعمة هتمحى أيام الفقر فى حياتك..والنجاح هيكون بدل الفشل...بس أرجع وخطى يابنى أول خطوة لرجوعك
وأنت يافادى...أذاى سقطت ياصخرة من الايمان؟؟ أذاى نور اللة أنزوى جواك..بسرعة كدة ومن أول تجرب حقيقية؟؟
فادى : ربنا مش واخد بالة منى ولا من أسرتى وحضرتك يابونا عارف اللى حصللنا
أبونا : من قاللك كدة ؟..مين فهمك الكلام دة!!...دى أفكار الشرير ذى مانا قلتلك من كام يوم
شوف يابنى ...شوف نفسك من فين وقعت وقووم بسرعة
عارف أيوب وقصتة؟
فادى : طبعاً عارف
أبونا : لو بعقل البشر وعيونهم شفنا كل اللى حصللة ...كنا قلنا دة مش عدل من السما..أن أبنها البار أيوب ينضرب بالضربات الرهيبة دى اللى حصلتلة...كان أنسان كامل ..حتة جوهرة ثمينة...بس كانت الجوهرة دى فيها شائبة صغيرة..معدن ضئيل مش غالى ..والشائبة دى عين الرب اللى ماتخفى عليها شىء شفتها وهى بتكبر ...عارف كانت أية؟
فادى : لا..لا يابونا...كانت أية ؟
أبونا : كانت الافتخار بأيمانة وصلواتة اللى كانت حقيقية طبعاً...أفتخار بدون تواضع ..مكنش أيوب قادر يعترف بأحساسة بالكبر والتفاخر دة
كان لازم حتة الجوهرة ..سبيكة الدهب دى تخش النار علشان تنصهر من تانى و تستقل بمعدنها وتطرد المعدن الغريب عن ذاتها
شفت أذاى اللة كان بيفكر فى خير لايوب وعايزة يكون بلا نقص..كل الاشياء تعمل للخير ...صدقنى يافادى يابنى
نفس الحكاية عليك ...أنت نسيت التواضع مع أخوك فى معملتك لية....نسيت...والتفاخر بأيمانك وأستقمتك ونجاحك فى حياتك أصبحوا حجر عثرة لاخوك
ومكنتش عارف أنك غير مستحق ذية قدام كرسى النعمة الا بتضرعات القديسين وصلوتهم..وقبل كل دول ..أنت وأنا وكل البشرية لا شىء ولا نستحق الا بدم الفادى..يابنى يافادى
عرفت لية سقطت ووقعت من أول ريح عاصفة ؟
عرفتم لية دخلتم التجربة الرهيبة دى
فادى : طب وأبونا وأمنا ؟؟
أبونا : الرب لة طرق خلاص لشعبة ..متخفش ولا ترتعب ..هما محفوظين فى نن عين الرب من جوة
صلوا...صلوا مع بعض علشان البيت دة يرجع ويقوم من تانى
يسجد توما وفادى ناحية صورة المصلوب ..وينسحب القس ساويرس من المشهد
وتظلم الصالة الا من ضوء حول الاخين
وتسمع صوت ترنيمة ... < طول الحياة..وفى كل الاحوال....تمسح دموعنا ..يارب أنت أبونا ..ليس لنا سيواك>
وبعد أنتهاء الترنيمة يشع المكان بضوء مبهر ويظهر للاخين ملاك منير يلبس ملابس بيضاء
الملاك : سلام الرب يافادى وأنت أيضاً ياتوما
توما يشهق خوفاً ..ويقول فادى فى تردد وزهول: من حضرتك وعايز مننا أية..ودخلت هنا أذاى! ؟
الملاك : أنا ملاك الرب مرسل من العلى...الرب نظر لتضرعكم...الرب قبل دموعكم وتنهداتكم
الرب قبل رجوعكم لاحضانة...لا تخافوا هكذا يقول لكم الرب
من الساعة سيتمجد أبن الانسان فى هذا البيت ...وستفتح أبواب السجن ويخرج رب العائلة
من الساعة سيتمجد الطبيب الاعظم .....وستقوم أبنة المسيح من فراشها كما كانت
المجد للة فى الاعالى وعلى الارض السلام وفى هذا البيت كل المسرة...كل المسرة
يختفى الملاك وتضىء الصالة ...ويقف الاخين غير مصدقين ..ناظرين لبعضهم بعضا..وفى لحظة أخرى تخرج أمهم وهى تقول : شكراً للرب ..شكراً ياحبيبى يايسوع ..فادى توما ولادى
تجرى فيركعون يقبلون يدها ويبكون فرحاً
فادى : أنتى خفيتى ياأمى !!
الام : أنا ياولادى كنت نايمة بتوجع ..وأنا بين النعس والصحيان حسيت بأيد بتتحط على راسى ..فتخيلت أن حد منكم بيطمن على ..لكنى والايد دى محطوطة على راسى الا والاقى قوة غريبة..قوة عجيبة بتسحب التنميل والشلل من رجلى ..ففتحت عنى ملقتش حد ..هو دة اللى حصللى ..أيد ربنا ومحبتة شفتنى ..أشكر ياحنان ... ياراعى الكل..... ياحبيبى
وفى وسط الفرح يطرق باب المنزل فيجرى توما ليفتح فيجد أمامة أبوة
فيصرخ فرحاً كالمجنون قائلاً : بابا ..بابا ..أنا مش مصدق عينى ..حضرتك خرجت أذاى
أنا بحلم ...مش مصدق ...نفس الوقت كل فخاخ العدو بتتكسر وتنداس ..أشكر يارب المجد ..أشكر ياللى تعبت قلبك كتير ..أشكرك يامخلصى
يجرى فادى ويأخذهم أبوهم بالاحضان قائلاً : أيد الحنان هى اللى خرجتنى
الظابط فاق ولما خدونى لية علشان يتعرف على ..نطق وقال بكل قوة لا ..مش جرجس مش هوة
الغريبة أنى أول مرة أقبلة ولا هو يعرفنى ولا أنا أعرفة ..عرف أسمى منين ..أكيد دة قوة ومعجزة من فوق من سما القدير
وفعلاً خرجت من السجن والحبس ذى ماخرج بولس وسيلا
من اليوم ياولادى هيرجع البيت دة أقوى من الاول وأشد قوة من كل أعاصير العالم وشرورها
الكل يقول : أمين ..أمين
يقول فادى فى سعادة : طب عن أذنكم أنا رايح الكنيسة فية أجتماع النهاردة ..وأنا بقالى فترة أهملت بيتى ..كنستى وحشتنى قوى ..ممكن يابابا
الاب : أكيد روح يابنى ..الروح القدس يحافظ عليك أنت وكل المؤمنين بأسمة
توما : مش عيب عليك يافادى تنسانى ..أنا جى معاك
الجميع يهلل فرحاً
ويقف الاب قائلاً :
فعلاً أبنى هذا كان ميتاً فعاش
وكان ضالاً فوجد
************************
يغلق الستار
تمت
تصفيق حاد