ألسنا نقول إن لاهوت المسيح لم يفارق
ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين؟ كيف إذن قد مات؟
يجيب قداسة البابا شنودة الثالث
قائلاً:
موت المسيح معناه انفصال روحه عن
جسده. وليس معناه انفصال لاهوته عن ناسوته.
الموت خاص بالناسوت فقط. إنه انفصال
بين شقي الناسوت، الروح والجسد، دون أن ينفصل اللاهوت عن الناسوت.
وما أجمل القسمة السريانية التي
نقولها في القداس الإلهي، والتي تشرح هذا الأمر في عبارة واضحة هي:
انفصلت نفسه عن جسده. ولاهوته لم
ينفصل قط عن نفسه ولا عن جسده.
انفصلت الروح البشرية عن الجسد
البشري. ولكن اللاهوت لم ينفصل عن أي منهما، وإنما بقى متحداً بهما كما كان قبل
الموت. وكل ما في الأمر أنه قبل الموت، كان اللاهوت متحداً بروح المسيح وجسده وهما
(أي الروح والجسد) متحدان معاً. أما في حالة الموت، فكان اللاهوت متحداً بهما وهما
منفصلان عن بعضهما البعض. أي صار متحداً بالروح البشرية على حدة، ومتحداً بالجسد
على حدة.
والدليل على اتحاد اللاهوت بروح
المسيح البشرية أثناء موته:
أن روح المسيح المتحدة بلاهوته
استطاعت أن تفتح الفردوس الذي كان مغلقاً منذ خطية آدم. واستطاعت أن تذهب إلى
الجحيم، وتطلق منه كل الذين كانوا راقدين فيه على رجاء ـ من أبرار العهد القديم ـ
وتدخلهم جميعاً إلى الفردوس ومعهم اللص اليمين، الذي وعده الرب على الصليب قائلاً
"اليوم تكون معي في الفردوس"
(لو23: 43).
والدليل على اتحاد اللاهوت بجسد
المسيح أثناء موته:
أن هذا الجسد بقى سليماً تماماً،
واستطاع أن يقوم في اليوم الثالث، ويخرج من القبر المغلق في قوة وسر، هي قوة
القيامة.
وما الذي حدث في القيامة إذن؟
حدث أن روح المسيح البشرية المتحدة
باللاهوت، أتت واتحدت بجسده المتحد باللاهوت. ولم يحدث أن اللاهوت فارق الناسوت،
لا قبل الموت، ولا أثناءه ولا بعده.